اوراق بين الطفولة والنضوج

كتبت على أوراقي آلاف المرات

أناملي عانقت هذا القلم منذ نعومة الأظافر

بدأ برعماً بيد طفلة تخط ما تراه

في مراهقتي رافقني

في تساؤلاتي جاوبني

بأحزاني مسح دموعي


عند نضوجي عدت الى هذه الأوراق

أتصفحها أقرأ حروفها أترجم معانيها

أقارن بين حروف طفلة كتبت

و بين كلمات مراهقة نثرت مشاعرها

و بين ناضجة تطرح فلسفتها و تساؤلاتها

عندها وجدت فحوى المقارنة

وصلت الى إستنتاج التطور و النمو

علمت كم نتغير و نتبدل مع الأيام

حتى حروفنا الثابتة شكلاً ترسم بتراصفها كلمات

يكسوها مشاعر متغيرة

مفاهيم منها ذهبت مع النضوج

بعضها تطور و نما كما تنمو الأغصان مع الأشجار


فكم من فكر تغير مع التجارب

و كم من براءة ذهبت كلما تقدمنا بالعمر يوماً

حتى المفاهيم تغيرت و تعقدت

وجدت بين أوراقي كم فقدتُ سذاجة الأطفال و عنفوانها

علمت أن البساطه بالفكر تعقدت

و تلقائية المشاعر إختفت و توارت بين أضلع نضجت


قد نكون بنضوجنا هذا تعلمنا

أصول التصرف و الكلام

إنما بين نضوجنا هذا نشتاق لعنفوان يحررنا

من قيود الزمان

لتلقائية تخرج منا عواصف من المشاعر

بدون حساب

نشتاق أن يرانا الناس أطفالاً ننفعل

و من حولنا يبتسم لنا

نصرخ و من حولنا يسرع لحملنا لتهدءتنا

بدون حتى الملل منا


كم نحتاج إلى لمسة حنان بيد ناضج على وجه طفولتنا

ألسنا بكل يوم من نضجونا نتمنى لو أننا أحيانا ما زلنا أطفال

نتصرف دون حساب

نجري ، نلعب ، نصرخ ، نضحك

و للدنيا بفكرنا ليس لها مكان

بعقولنا نتمنى هذا الصفاء لو يعود يوماً

نتمنى أن نشعر بالراحة القصوى

أن ننام و عقولنا متجلية من كل الهموم

و أحلامنا هي تراقص الأنفس برياض من الإبتسامات و السرور



أوراقي أعادت لي ذاكرة الأطفال

براءة المشاعر و صدقية الكلام

فلا كلام منسق و لا مزين

و لا أحرف مرتبة لتجاري الزمن

و لا بحث عن معاني تخاطب العقول

و الخوف يرافقها ممن لا يفهم ما ننثر من حروف

بأرض أوراقها بيضاء

لتنبت و تنمو و تنتج ثمار الأفكار


ألسنا ببحث دائم عن أوراق الطفولة

لكننا فقدناها و العودة لها محال

ففلسفة الأيام لا تنتج مثل هذه الأوراق

و مراحل النضوج لا تفهم كيف المشاعر تكون بدون حسبان

و لا تعرف أن الإنسان مهما كبر ففي داخله طفل أسير

يبحث عن مهرب من بين قضبان التملق و الترتيب

و البحث عن الكمال

أوراقنا علمت أن طفولتنا ليست بالإعمار

و أنها بداخلنا رغم مرور الأيام

فهي مشاعر تبقى داخلنا مهما حاولنا النكران

و رغبة نكبحها علّها أمام الناس لا تظهر و تكشف معها

مشاعر أبهى من زهو الألوان


مهما نكرنا و عاندنا حقيقة الداخل و ما وراء الذات

فإننا بين نضجونا نبحث عن طفولة تحررنا من مفاهيم معقدة

لا حل لها حتى بعد نهاية العمر

نبحث عن حرية نعبر بها و نخرج آلاف الأحاسيس

بين أفراح و أحزان

إنها فلسفة الأعمار التي سجنت طفولة

تتمنى لو نسمح لها يوما أن تخرج منا

تلعب و تلهو و تفرح بكل حرية بمنتهى الراحة

و بقمة العنفوان .....