مفهوم الجن في القرأن الكريم ومفهومه عند الناس

منذ عدة سنوات تخطى الإنسان حدود الأرض إلى الفضاء وهبط على سطح القمر وبعض الكواكب بنفسه وأجهزته ومعداته وأرسل صورا وأحاديث حقيقة إلى الأرض عما وجده من كائنات وعلوم واحتفل بهذا النصر والإعجاز العظيم واعتقد في نفسه أن بإنجازه ونجاحه هذا اخترق باب الغيبيات وقال لنفسه لما لاأحاول أن ابحث عن سر خلق الحياة والتوسع في دائرة الغيبيات ومعرفة كل ما هو غيب ؟ فهل يا ترى هذا العلم والإنجاز الذي حققه يجعله يفكر في هذا الأمر ؟
ولو تدبر الإنسان وتفكر لحالته الحقيقة المخيفة وعلم أنه يجهل الكثير ويعلم القليل وأن الواجب على الإنسان أن يبحث بعلمه وجميع قدراته عن حياة أفضل ومعيشة أكرم له وللبشرية جمعاء ويتدبر في كون الله العظيم وجميع العلوم والعوالم المحيطة به ولكن هناك عوالم أخرى لا يستطيع بإدراكه أو فهمه أو علمه أن يبحث فيها أو عنها مثل عالم الجن والشياطين وعالم الملائكة لأنها فوق قدراته وتفكيره لكونها غيبيات يؤمن بها كما أمره الله ولا يتوسع فيها .
وعالم الجن والشياطين من العوالم الغيبية للإنسان فهي ليست من ذات العوالم التي يستطيع أن يصل إليها بأسالبيه التي يعرفها ولا بالصورة التي يعهدها والعلم أثبت وجود هذا العالم وأنه لا سبيل عنده حتى الأن لأن يعرف عنه المزيد وأن القرأن الكريم قد ذكر الجن والشياطين في مواطن عديدة من سور القرأن الكريم وهذه معجزة من معجزات القرأن الكريم التي لا تنتهي ابدا.
مفهوم الجن في القرأن
أفهمنا القرأن أن الله سبحانه وتعالى خلق الجان من مارج من نار ....الأيه أي من الشعلة الزرقاء التي تنبعث من المادة المشتعلة وليس من النار ذاتها .
وأما عن مادة خلق الجان فقد حكى لنا القرأن الكريم "والجان خلقناه من قبل من نار السموم " .... الأيةوالسموم هو الحر الشديد الذي ينتج من الحرارة المرتفعة .
وعالم الجن والشياطين عالم غير مرئي لنا بطبيعة تكوينه واختلاف مادته التي خلق منها ومن خاصيته أنه لا يرانا من حيث لا نراه فيقول المولى عز وجل "أنه لا يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم " ..... الأيه وأثبت القرأن الكريم لفظ الشيطان كصفة وأسم لإبليس عليه اللعنة وفي الأيه " فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كان فيه " .... الأيه وهذا دليل على أن إبليس هو الشيطان بعينه وأن إبليس من الجن وقد خلق إبليس من النار والشياطين والجن من النار أيضا وبالنص القرأني "وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لأدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه " .... الأيه.
كل شيطان جن وليس كل جن شيطان
وقال تعالى ايضا حكاية الجن "أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين"....الأيه وهذا يؤكد أن إبليس وجنوده من الشياطين هم من الكفره العصاه من الجن وأما غيرهم فيطلق عليهم وإن تفاوتت درجات هدايتهم وطاعتهم فإن كل شيطان جن وليس كل جن شيطان كما أن هناك شيطان للإنس.
وهكذا يبين لناالقرأن الكريم الحقائق الأوليه عن مادة وخلق الجن وهي درجة حرارة عاليه وبلا دخان.
وعلى الرغم من أن الإنسان له مميزات وخصائص وتفاصيل وأنه مكرم من قبل الله عز وجل وفضله عن باقي المخلوقات وعلى العالمين إلا أن إبليس وهو من الجن أنه كان أفضل من بني أدم وعصى ربه ولم يسجد كما أمره الله عز وجل وكان ذلك للإستكبار والغرور والتعالي وهذه صفة من صفاته الدميمة.
وعالم الجن شأنه كبقية العوالم الأخرى يتكون من أمم وجماعات وأفراد وشأنهم الإختلاف فيما يختلف الفرد عن الأخر.
يوجد فيهم
ومفهوم القرأن الكريم للجن ايضا أن فيهم الصالح الأمين والفاسق الشرير والمؤمن التقي والكافر الضال وبين لنا ايضا أن الجن خلقوا ليعبدوا الله كما خلق الإنسان وهم مكلفون بشرائع وأوامر وبلغوا دين الله وأرسل لهم الرسل ليدعوهم وينذروهم فيقول الله تعالى "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون"...الأيه.
وعالم الجن فيه الذكور والإناث والأطفال والشيوخ ويتناسلون ويتناكحون ويأكلون ويشربون ولهم دواب وأنعام وكما ورد في السنه في معنى الحديث(العظام طعام الجن والروث طعام دوابهم) ويبين لنا القرأن الكريم قدراتهم على التشكيل في صورة أو في كائنات أخرى.
وفي الحديث الشريف ( الجن ثلاثة أصناف صنف يطيرون في الهواء وصنف يحلون ويرتحلون وصنف يتشكلون) معنى الحديث وتشكلت الجن في هيئة جنود لسيدنا سليمان وعملت تحت إمرته وهذه خاصيه له عليه السلام.
ومقدار عالم الجن يماثل عدد الإنس أو يزيد وجعل الله لهم قدرة على الإنتقال بالسرعة الفائقة إلى البلاد البعيدة زحفة الحركة وقد وصلت الجن في وقت من الأوقات إلى السماء والأقتراب منها قربا يجعلهم يستمعون لأخبارها وقد أوقفهم الله عز وجل فلا يستطيعون التسمع إلى السماء "وإنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا إنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الأن يجد له شهابا رصدا".... الأيه والشيطان عدو للإنسان قد يوقع العدواة والبغضاء بين الناس ويصدهم عن ذكر الله وعن الصلاة ويعدهم بالفقر ويأمر بالفحشاء ويستفزهم دائما بصوته ويشاركهم في الأموال والأولاد ويزين لهم الأعمال الفاسدة وهو صاحب الغواية والوسوسة ويكشف السوءات والعورات ويخوف دائما أولياءه فيقول المولى سبحانه وتعالى "يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا" .... الأيه.
مفهوم الجن عند الناس
فهم أهل السنة والجماعة وكثير من الناس من الطوائف والملل أن عالم الجن والشياطين حقيقة وأنه ثابت في الكتب السماويه وعلى الأنبياء والمرسلين وذكرت بعض الطوائف والملل وجودالجن والشياطين وأولوه وفسروه بأراء غير صحيحة ويفهم ويعتقد بعض الناس أن للجن قدرات خارقة وأنهم يساعدون البعض على قضاء الحوائج والمصالح ويجلبون لهم الأموال والبعض يفهم أن الجن يعلمون الغيب ويأتون بالأسرار وهذا من العته والخبل والتخاريف والصحيح أن الجن لا يعلمون الغيب مطبقا فالله وحده هو عالم الغيب فكما قال سبحانه وتعالى "قل لا يعلم من السموات والأرض الغيب إلا الله ".... الأيه "عالم الغيب فلا يظهر على غيبه احدا " الأيه وقد سخر الله سبحانه وتعالى لسيدنا سليمان الجن فلما مات وهو جالس أمامهم ما علموا بموته وهم الذين أقروا بذلك "فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين" الأيه .
ورغم ذلك ما زال الإنسان يجري ويلهث وراء العرافين والكهنة ويوهمونه فيكون لقمة للإنس والجن ويفهم بعض الناس أن الجن والشياطين أقوى من الإنسان وهذا باطل ومنهم من يعبد الجن والشياطين ويتقربون إليهم بالذبائح والقرابين قديما وحديثا .
ويقول المولى سبحانه وتعالى "ألم اعهد إليكم يا بني أدم ألا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدوا مبين "..... الآيه ومنهم من يخافونهم ويمتلئن رعبا وهلعا حتى وصل خوفهم إلى أن أصابهم المرض .
صورة الجن والشياطين عند الناس
وبعض الناس يفهم أن الجن مثل الأقزام ولهم قرون وأذيال وأنياب أمامية طويلة وله حواجب مرفوعة ويمسك شوكه بيده وعيناه تخرج نارا وهذه صورة ساذجة مضحكة تمتلئ بها عقول عوام وجهلة الناس ومنهم من يظن ان له قدر على تسخير الجن أو مخاواتهم وأنه يساعدهم على إخراج الجن والشياطين من أجساد الناس ومنهم يظن أنه يشفي المرضى والأمراض المستعصية ومنهم من يدعي أنه معه جن يخرج الشياطين من البيوت ويعرف أماكن الكنوز والمسروقات والأثار وأسرار القضايا وكل هذه الحكايات وهمية وغريبة ومريبة وكذب وافتراء وهذا هو مفهوم بعض الناس .
ولو كان الأمر كذلك وبتلك السهولة فلما لا يرسل المدعي الذي يسخر الجن جندا منهم إلى الأعداء ويحرر المقدسات المسلوبة ويأتي بالكنوز والأموال والذهب وغيره من الأشياء الثمينه ونخرج من الفقر والجهل والمرض الذي تعانيه الأمم والشعوب .
إنها اساطير وموروثات قديمة ومفاهيم مغلوطة وبعيدة عن الحقيقة وعالم الجن عالم غيبي أمرنا الله سبحانه وتعالى أن نؤمن به والعلم أقوى من الجن وأقوى من الشيطان والله يقول "إن كيد الشيطان ضعيفا" الايه .
والإيمان والعلم الصحيح هما السبيل الأمثل لدرء هذه المفاهيم المغلوطة والأثار السيئة الناتجة عنها .
والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل.
======================
الشيخ / محمد عبد الواحد (أبو ول

يد)

جزاكي الله كل الخير اختي الكريمة

بارك الله فيكي

و جزاكي عنا كل الخير

» مفهوم ( الحب ) عند الأطفال ..
» ما هو مفهوم الصداقة من وجهة نظرك ؟
» فن التعامل مع الناس
» كلام الناس ......
» لا تحكم على الناس بالمظهر