المس الشيطاني وحقيقته وما يدور حوله

الكاتب: الشيخ/ محمد عبد الواحد (أبو وليد)
ان تدني المستوى الثقافي والعرفي لمجتمع مازال يهوى الخرافات والخزعبلات ويعيش عصور ما قبل التنوير : ليعتبر عاملا أساسيا من عوامل ظهور كل خرافة جديدة تدعي علاج الناس من الأمراض المستعصية .

وسرعان ما تزول هذه الخرافة : ويبقى أثر الجهل والتخلف في العقول والأفهام العامة الساذجة

ولأن هناك فجوة عميقة بين ما يحدث على الساحة حاليا من أمراض وصرع وتشنجات - تحدث لبعض الناس - وبين العلم والأساليب الطبية : فان أسهل وسيلة هي شماعة الجن والمس والسحر ....الخ

والتي باتت تشتكي من كثرة ما علق عليها : من أخطاء وفشل وجهل وتخبط .. !!

حيث إن معظم الناس يركنون إلى هذه المفاهيم الغيبية : هروبا من المواجهة الصحيحة لأزماتهم ولعللهم النفسية والعصبية.

وقضية المس الشيطاني : ليست وليدة اليوم ، بل هي مثار جدل واسع قديما وحديثا بين كثير من الناس عوامهم ومثقفيهم .

ولا يزال ينظر إليها : بخيال شاطح ووهم زائف ونشرات وروايات مكذوبة وكتابات تحوي الكثير من الروايات المكذوبة بلا أساس شرعي أو عقلي أو علمي ؛ حيث تكتب هذه الكتب والنشرات بغية الشهرة والبحث عن الثراء والمال دونما وازع من ضمير أو دين.

والحقيقة : أن المس الشيطاني .. قد نسجت حوله خيوط وهمية كخيوط العنكبوت من فئتين من الناس .
فئة منتفعة : تمارس دجلها وزيف مقولاتها على البسطاء .

وأخرى : جاهلة بأمور دينها وشرعها ، تحسب أن ما يصل إليها من مقولات حول هذه القضية ، أصلا من أصول الدين ، وما هو من الدين ، من قريب أو بعيد.

وما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا صحابته الكرام ، يهتمون بهذه القضية : مثل ما نفعل اليوم .

وقد أمرنا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم : بالتداوي بالأدوية الحقيقية طبية أو طبيعية أو شرعية .

وتروي لنا السنة المشرفة : أن رجلا شكا للنبي وجعا ألم به ..!!
فقال له صلى الله عليه وسلم : اقرأ كذا وكذا .
وأتاه آخر: فقال له .. اسقه عسلا ..
وأتاه ثالث : فاستدعى له الطبيب "ابن كلدة" وهو طبيب عربي ، حين علم صلى الله عليه وسلم ، أن الأمر يستدعي ويستوجب التدخل الطبي .

ولا ينكر أحد من البشر عموما : أن لكل إنسان شيطان يوسوس له ، ويدفعه إلى الشر ، ونحن نعتقد ذلك ونؤمن به ، وبما يتبين بنصوص الكتاب والسنة.

يقول ربنا سبحانه (وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله انه هو السميع العليم)[فصلت : 36]

ويقول (إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذاهم مبصرون) [الأعراف : 201] ...
والآيات في ذلك المعنى : كثيرة .

وفي السنة المطهرة : أخبرنا الصادق المصدوق .. " أن لكل ابن آدم لمة من ملك ، ولمه من شيطان..." الحديث...

واما عن التجربة والحقيقة العلمية التي أصلها البحث والتجربة والدليل والبرهان : فانه من واقع تجربة أكثر من عشرين عاما في مجال العلاج ..!!

وجد أن معظم حالات المس والجن والشياطين وخلافه : ما هي إلا أمراض نفسية ، ناتجة عن مخاوف وأحزان وهموم وفكر وقلق وضغوط نفسية وعصبية واجتماعية وموروثات فكرية قديمة في أذهان الكثيرين عن هذا العالم الغيبي .

ومن أثر هذا التردي السيئ ، وعدم اهتمام بعض الأطباء – والمعالجين - بالمريض والرأفة به ، والجلوس معه ، وإعطائه حقه الإنساني من العناية والرعاية اللازمتين : تتحول الحالات إلى حالات مستعصية ، لا يجدي معها العلاج الطبي.

كذلك فانه لابد : من تغير صورة الطبيب والمعالج النفسي ، التي رسمت في أذهان الناس ، وتبديلها بصورة أحسن ، تدفع الناس إلى الإقبال عليه دون خجل أو مواربة ، ونشر الوعي الديني الصحيح ، وكذلك تغير ثقافات الجهل والخرافات التي تعشش في عقول الكثيرين ، ونشر الثقافات العلمية عن هذه الأمراض عبر وسائل الاتصال المختلفة ، التي تميز بها هذا العصر .

وأما عن قراءة القران الكريم ، والرقى الشرعية ، والأدعية ، والأذكار : فهي مطلوبة ، ويجب الترغيب فيها ، وأمرنا بها ، حيث إنها .. تطمئن القلوب ، وتصلح النفوس والأرواح والأبدان ، ببركة المصدر الذي تشرع منه .

وصدق المولى سبحانه إذ يقول (الذين امنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب) [الرعد :

28]

جزاكيب الله كل الخير عيوني موفقة

بارك الله فيكي

و جزاكي عنا كل الخير