لحظات انكسار .. القاهرة بعد منتصف الليل

القاهرة بعد منتصف الليل بساعتين ذات مساء بارد منذ 25 عاما ..

أسير أنا و بعض أصدقائي في شارع شريف فيلفت نظرنا وجود سيارة نجدة تقف أمام إحدى العمارات و شطري ريفي شاب يقف بجوارها و معه رجل في الأربعين من العمر يبدو من مظهره أنه من أبناء الطبقة المتوسطة و أنه ربما يكون مهندسا أو طبيبا أو مديرا عاما بإحدى المصالح الحكومية ..

و الرجل يتحدث مع الشرطي الشاب و هو يبكي و يقول له ؟ في بيتي ؟.. في فراشي ؟؟ .. و يرتدي بيجامتي ؟؟ .. و أبنائي على بعد خطوات في غرفتهم المجاورة .. لماذا أستحق هذا يا ربي ؟؟

و لماذا عدت من سفري فجأة الليلة ؟ لماذا يا ربي ؟ ..

ثم ينفجر في البكاء المؤلم و يضع رأسه على سقف السيارة كأنما يعجز عن حملها فوق رقبته ..

و تخدش الكلمات أسماعنا فنتبادل النظرات المعبرة فيما بيننا و نفهم الموقف دون أن نسأل عن تفاصيله و ندرك أن ضابط الشرطة و مساعديه قد صعدوا إلى إحدى شقق هذه العمارة التي جرت فيها الواقعة لضبط طرفيها بعد أن أغلق غليهما هذا الزوج العائد فجأة الباب من الخارج و هرول باكيا إلى طلب شرطة النجدة ..

بينما وقف الزوج مع الشرطي سائق سيارة النجدة ربما امتثالا لأمر الضابط ..

فراح يبثه وجيعته بلا حرج متنازلا عن كل الاعتبارات و الفوارق الاجتماعية و فوراق السن التي تفصل بينهما ..

و الجندي الريفي الشاب يسمع إليه في صمت و هو يمصمص شفتيه رثاء له و عطفا .

و لسنوات طويلة ينحفر هذا المشهد المؤلم في مخيلتي فأكاد أسمع صوت الرجل العائد إلى بيته فجأة ليجد في انتظاره هذه الكارثة يرن في أذني و هو يرثي نفسه و عجزه و احساسه المر بالهوان بكلماته المتلعثمة المتقطعة لذلك الجندي الشاب الذي ربما لم يكن ليقربه منه ذات يوم أو يبوح له بشيء من خصوصيات حياته .. لو لم يكن في لحظة الانكسار المريرة هذه .

ما اقسى واصعب لحظات الانكسار

شكرا الك كتير

موفقة

اي والله سدورا

شكرا كتير الك عالمرور اللطيف حبيبتي

» لحظات انكسار .. هو شاب
» لحظات انكسار .. في المقهى
» لحظات انكسار .. قصة أمريكية
» لحظات انكسار .. في رائعة نجيب محفوظ الثلاثية
» أجمل صور لبيت رومانسي في منتصف البحر !